نبذة عن تاريخ وتطور رياضة الجودو
أن الترجمة الأدبية لكلمة " جودو " Judo باللغة الإنجليزية هي " الفن الرفيع " لكن هذه الترجمة تكون خادعة لأنها تناشد الصورة الهزلية للرياضة .
وقد أشار ديس مارود Des Marwood إلى أن الجودو Judo عبارة عن كلمة تتكون من مقطعين هما :
• (جو – Ju ) وتعني الرفيع أو الرقيق وهي بالإنجليزية “ gentle “ .
• (دو – D0) وتعني الفن وهي بالإنجليزية (art)
لكن في الواقع أن الفن عبارة عن تحليل للمهارات من خلال دفاع الخصم في مساحة مغلقة ، وكلمة “Ju “ ترمز لمبدأ عدم الرد بعنف على العنف ويكون النقيد لكلمة “ Ju “ واصلها “Kendo” وترمز إلى القوة ضد القوة .
وقد عرف كوزمي رياضة الجودو بأنها نوع من حيل الجوجيتسو في الدفاع عن النفس فهي شكل من اشكال المصارعة وأسلوب للقتال بدون سلاح لذا فهي مهمة لكل رجل يمشي في الشارع .
وقد أشار التاريخ الرسمي لليابان في عام 720 بعد الميلاد إلى إقامة دورة رياضة اسمها (ليكار – كورايا) أي بمعنى صراع القوة والتي اقيمت فيها مباريات لرياضة المصارعة اليابانية القديمة والتي تسمى (السومو ) في الوقت الحالي ، وكان يتم فيها الهجوم والدفاع ضد الخصم باستخدام السلاح أو بدونه ، وقد تم ممارسة تلك اللعبة العنيفة تحت مسميات مختلفة مثل:-
(تايجوتسو – واجوتسو – كيمبو ………… الخ )
ويقال أن رياضة الجودو ليست يابانية ولكن لها جذورها التاريخية القديمة فقد كان هناك رجل أسمه (اكياما أوشيتو ) من مقاطعة نجازاكي في اليابان يدرس في الصين ، وهناك أعجب بمصارعة أهل الصين ، وكان ذلك في القرن السابع قبل الميلاد ، ثم قام بنقلها إلى موطنه ، لكن الصين نقلتها عن مصر القديمة ، حيث كان الفراعنة القدماء يمارسون هذا النوع من المصارعة منذ ثلاث آلاف عام قبل الميلاد ، ثم نقلت عن طريق الهكسوس إلى جنوب شرق أسيا بعد انتهاء غاراتهم وانهزامهم من الفراعنة القدماء في مصر ، حيث توجد العديد من الرسوم التي تشبه الكثير من حركات الجودو الآن وأيضاً ربط الحزام على البطن ، على جدران معابد بني حسن ، والعديد من المقابر الفرعونية القديمة .
والجودو أحدى اللعبات اليابانية النموذجية ذات الصفة أو الخاصية الدولية ، وهي تسهم بكونها مشكلة الثقافة بذاتها في احداث الصداقة والسلام بين دول وشعوب العالم بشكل هائل هذه الأيام ، وذلك بما تقدمه للشعوب من مجال يمكنهم أن يحققوا فيه التبادل المثمر فيما بينهم ، ومن ثم نجد ان لعبة الجودو تقدم المساعدة والعون لتعزيز السعادة والرخاء والرفاهية لجميع البشر ، وتلك هي رسالة الجودو ، وليس هناك من هدف أسمى من هذا الهدف .
ومنذ عقود عديدة خلت كانت لعبة الجودو تعتبر رياضة لا يتميز فيها إلا اليابانيون فقط ، غير أنه بتحقق الصفة الدولية لتلك الرياضة تحسن اداء لاعبي الجودو من شتى دول العالم تحسناً معتبراً ، وأظهروا مهارة وقوة عند مقارنتهم مع اللاعبين غير اليابانيين من التفوق على لاعبي الجودو اليابانيين حتى اصبحوا أبطالاً أوليمبيين او عالميين وتبين انجازاتهم بوضوح تام أن لعبة الجودو لم تعد حكرا على اليابان ولكنها قد أصبحت ملكاً للعالم بأكملة ، وهذا يساعد في أثارة مزيد من الانتشار ، والتطور للعبة الجودو .
ويرجع ظهور رياضة الجودو بشكلها الحالي إلى " جيجور كانو " الذي ولد عام 1860 م ، وتعلم الأدب والفلسفة في جامعة طوكيو عام 1881م ، ويعتبر من الأعضاء المؤسسين للألعاب الأوليمبية عام 1896 م ، وقد تولى "كانو" وزارة التعليم في بلادة ، فجعل الجودو ضمن المواد التعليمية في المدارس في ذلك الوقت ، ثم توفي عام 1938م – أثناء رحلة عودته في البحر بسبب مرض فاجئة ، وذلك بعد اجتماع للإتحاد الدولي الأوليمبي في القاهرة ، وكان "كانو " قبل وفاته قد قام بمجهودات عظيمة في شتى انحاء العالم من اجل نشر رياضة الجودو وزيادة الممارسين لها على مختلف المستويات .
وقد قام " جيجور كانو " في عام 1882 بأنشاء اكاديمية عالمية لتعليم فنون الجودو المختلفة في طوكيو ، وأسمها " الكودوكان " ومعناها : الصالة التي يتم فيها التعليم والتدريب على القواعد .
ويشير توني ، جيوفري إلى أنه في العصور القديمة في اليابان ومن عدة قرون مضت كانت السلطة والقوة تتركز في يد الحكومة الأقطاعية القوية على حساب الحكومة المركزية الضعيفة ، فكان لكل حاكم أقليم آنذاك مجموعة من المحاربين والمقاتلين"الساموراي " والذي يعتمد عليهم في حماية الأقليم من الاعتداءات والمشاكل الخارجية ، فكانت تلك الطبقة من الشعب تتدرب بقوة واجتهاد على القتال باستخدام الأيدي ، وأيضاً باستخدام السلاح وتقوم بالتدريب المنتظم على مهارات ركوب الخيل ، والسباحة .. الخ والتي تساعدهم أثناء المعارك والحروب .
وكانت هناك مدارس متخصصة لتعليم تلك الفنون والحركات القتالية المختلفة لطبقة الساموراي حتى يكون هناك من يستطيع ردع الشعب اثناء اندلاع الثورات الشعبية وأثارة الشغب .
وكان حتى منتصف القرن التاسع عشر لا يستطيع أي فرد من عامة الشعب التدريب على تلك الفنون القتالية فهي كانت حكرا فقط على المقاتلين الساموراي إلى أن جاءت حكومة جديدة عام 1873 م لتنهي هذا النظام واعفاء طبقة الساموراي من أعمالهم واحالتهم للتقاعد ، مما كان هذا هو السبب الرئيسي في انقسام الشعب إلى مجموعتين أثناء الاضطرابات والثورات منهم مجموعة تقوم بقمع أعمال الشغب وهي تمثل " البوليس " والمجموعة الأخرى تحاول أن تقود إلى وظيفتها السابقة في طبقة الساموري ، وهي مجموعة "البوليس " وعندما كان "جيجور كانو " في الثامنة عشر من عمره أي في عام 1878 قام بجمع جميع الحركات التي كان يتدرب عليها طبقة الساموراي ، وهي تلك الحركات التي كانت تسمى بالـ الجوجيتسو ، وذلك في بلدة شينوريو وتحت اشراف رجلان هما هما "فيوكيودا ، أيزو " وكان لهما مكانه عالية في الجامعة الحربية والتي انتهي تكوينها عام 1895 في مقاطعة " كيوتو " اليابانية ، فقام " كانوا بترتيب تلك الحركات واستبعاد الخطير والقاتل منها ثم قام بتحليلها والتوصل إلى النقاط الرئيسية في كيفية تعليم تلك الحركات لعامة الشعب في مدرسة خاصة وكانت تلك هي مدرسة الكودوكان ، والتي ذكرنا سالفا أنه قام بانشائها عام 1882م في طوكيو باليابان.
وتعتبر "الكودوكان " هي المكان الذي يتوافد إلى الناس من كل أنحاء العالم للتعليم والتدريب ، ومعرفة كل جديد عن رياضة الجودو ، ذلك لوجود الخبرات رفيعة المستوى من معلمين ومدربين يستطيعون ترسيخ تلك الخبرات وصقلها لدى الوافدين إلى الكودوكان .
وكانت رياضة الجودو قد دخلت مصر لأول مرة عام 1934 عن طريق الخبراء اليابانيين لتدريب قوات الجيش والبوليس في ذلك الوقت على المهارات القتالية الموجودة في هذه الرياضة في هذه الرياضة ، وفي عام 1952 م تم تكوين الاتحاد الدول للجودو (I J F) والذي يشترك فيه حتى الأن اكثر من مائة دولة ، وتم قبول لعبة الجودو كلعبة أوليمبية في عام 1964 في الدورة الأوليمبية بطوكيو ، وقد أنشىء الاتحاد المصري للجودو عام 1963.