الطب الرياضي يفرض نفسه بصفة علم متعدد الفروع، إن الطب الرياضي والبيداغوجية يتداخلان وهذا التداخل يجعلهما يضمنان تأقلم منافعهما للمتطلبات المالية، وأهمية نظام التوازن والنظام المحرك في الجسم البشري هي أقل من أهمية النبض للقلب ونظام سريان الدم وتظهر هذه الأهمية في مختلف أخطار الحوادث التي تحصل في أغلب الأحيان بسبب الجهل وعدم الوعي.
لمحة تاريخية حول الطب الرياضي:
إن ظهور الطب بصفة عامة أو الطب الرياضي بصفة خاصة يعود إلى العصور القديمة جدا، فقد ظهر الطب الرياضي قبل الرياضة نفسها.
فقبل ظهور الألعاب الأولمبية "1976" كان قد ظهر الاهتمام بالطب الرياضي، لأن الرياضة قد نشأت قبل هذا التاريخ، ففي الحضارة اليونانية كان اليونانيون يعتبرون الصحة هي أسمى نعم الآلهة، وكانوا يعطون النشاط البدني بالغ الأهمية لأنه بالنسبة إليهم من أهم الشروط الأساسية للصحة.
وقد كان للطب قداسة كبيرة وذلك للوقاية من الأمراض وعلاجها، وبالمقارنة نجد أنه كانت هناك حضارات أخرى تهتم بالطب الرياضي مثل الحضارة الصينية، فمنذ آلاف السنين استعملوا الجمباز للحفاظ على الصحة، كم أنه في مذهب اليوغا نجد العديد من التمارين التي لها وظيفة علاجية، وقد اهتم رجال الدين والأطباء باستعمال التمارين البدنية ضد الأمراض، وكثيرة هي الرسومات والبحوث التي عثر عليها والتي تؤكد بصفة قوية أنه تم استعمال الجمباز وكذا الاستحمام، فالحمام كان له دور كير في المشرق، وكذا الشأن بالنسبة لليونانيين، فكان ميدان الجمباز يحتوي على مسبح كبير جعل من أجل الاستحمام الجماعي، وعند الرومان كان الاستحمام من العادات اليومية، لذلك كانت هناك مسابح كبيرة وكثيرة، أما في القرون الوسطى فقد تغيرت نظرة الأوربيين للحمامات والجمباز، وذلك أثر انتشار الأمراض المعدية "السيلان، السفلس" في أوربا في القرن الثامن عشر، فانخفض عدد الحمامات الجماعية وقل استعمالها.
وخلال الألعاب الأولمبية 1928 ظهر الطب الرياضي بصفة بارزة وذلك بمراقبة الأطباء المختصين في الفرق الأولمبية.
2- الطب الرياضي في الجزائر:
لقد مر الطب الرياضي في الجزائر بعدة مراحل وكان الهدف آنذاك هو تكييف الاختصاص مع الحاجيات المتزايدة للحركة الرياضية الوطنية وهذه المراحل هي:
2-1- المرحلة الابتدائية (1962- 1970):
كانت مرحلة ورث فيها الطب الرياضي التنظيم القائم من طرف فرنسا ولاسيما النصوص القانونية التي حددت:
- شهادة طبية قبل إصدار الرخصة الرياضية.
- لجنة طبية داخل الهياكل الرياضية.
إن التنسيق بين الوزارات المكلفة بالصحة والرياضة والتعليم العالي أثمر بإنشاء المركز الوطني للطب الرياضي.
2-2- مرحلة التنمية (1971- 1975):
مع وجود المركز الوطني للطب الرياضي بدأت فترة دراسة تبرز الطب الرياضي ونشاطات المركز :
- قاعدة قانونية جدية للطب تم تحضيرها بالإضافة إلى مواصفات طبيب الرياضة وبرامج تكوينية.
- 1974 هو تاريخ تأسيس وإقامة المراقبة الطبية الرياضية.
ولأول مرة تم التكفل بالفرق الوطنية بصفة منظمة من خلال ألعاب البحر الأبيض المتوسط بالجزائر 1975 وكذا التغطية الطبية لهذه التظاهرة.
إن تدريس المواد لأساتذة التربية البدنية (المركز الوطني للتربية البدنية والرياضية، بن عكنون) كانت تحت عاتق المركز الوطني للطب الرياضي.
ما بين 1976 إلى 1980 يلاحظ تطور وسائل الطب الرياضي، تم إعداد أول خطة لتطوير الطب الرياضي والتي تتضمن بالخصوص:
- إنجاز العيادة الأولمبية والتي بدأت العمل جزئيا في جانفي 1980.
- توظيف وتكوين العدد اللازم من الموظفين بالمركز الوطني للطب الرياضي والذي هو بمثابة مؤسسة جامعية.
- فتح تكوين الأطباء المختصين في الرياضة عام 1976.
- التكفل الطبي بالرياضيين والمواهب الرياضية الشابة والفرق الرياضية في الجزائر والخارج.
- تحقيق التغطيات الطبية بأكملها خلال التظاهرات الرياضية الكبرى.
- المساعدة الطبية والمراقبة الصحية في جميع معاهد التكوين.
- تعليم المواد الطبية الرياضية على مستوى معاهد التكوين العالي للرياضة.
2-3- مرحلة التقهقر (1986- 1993):
عرفت تراجعا واضحا جدا بالنسبة لنشاطات الطب الرياضي، بينما نلاحظ أن التحكم في المادة والطاقة البشرية في تقدم، هذا التقهقر يعود إلى فتح المركز الوطني للطب الرياضي إلى عامة الناس بناء على أمر من وزارة الصحة يحمل الوصاية الجديدة هي:
- تجميد ولمدة ثلاث سنوات أطروحة الدكتوراه في العلوم الطبية.
- سحب أولوية الرياضي.
- تغيير فعلي لقانون المركز الوطني للطب الرياضي، واعتباره مؤسسة استشفائية متخصصة