لا يوجد شك أو قد لا يختلف اثنان بأن كلاً من القوة العضلية والقدرة هما مبدآن أساسيان في الإنجاز الرياضي، إذ إن كل فعالية رياضية أو لعبة رياضية تعتمد على هذين المكونين وبدرجات متفاوتة، وحسب نوع وطبيعة اللعبة أو الفعالية. وبالاعتماد على تحديد نوع اللعبة أو الفعالية فإن متطلبات القوة والقدرة تكون هي الأخرى محددة، هذا الأمر قاد العديد من العلماء والباحثين والمدربين للتفكير والتجريب لطرائق التدريب والتي ستكون أكثر ملائمة لتطوير قوة وقدرة لاعبيهم.
وغالباً ما نجد إن مفهوم القدرة يرتبط بمفهوم القوة إلا أنه يوجد فرق بينهما هذا الفرق هو الأساس الذي يعتمد عليه المدربون في تطوير كل من الصفتين على حدى.
إن ارتباط مفهوم القدرة أو علاقة القدرة بالقوة آتية من إن القدرة هي شكل من أشكال القوة، إذ إن القوة تكون بشكلها الأساس هي القوة القصوى والصفات الأخرى (القوة الانفجارية (القدرة)، القوة المميزة بالسرعة، ومطاولة القوة) هي مشتقات إن جاز التعبير من القوة القصوى. وبكلام آخر إن باقي الصفات أعلاه هي مركبة من صفتين أساسها القوة مع صفة أخرى قد تكون السرعة أو المطاولة أو كلاهما كما في مطاولة القوة المميزة بالسرعة.
- الفرق بين القوة والقدرة:لأجل التمييز والتفريق بين مصطلحي القوة والقدرة فأنه يمكن تعريفهما بشكل مختلف، لهذا معناهما سوف يتغير، إذ إن الفصل بين القوة والقدرة فسيولوجياً وبيوميكانيكياً أمر صعب إلى حد ما، لأن كلاهما يعتمد على مستوى الفعالية (التحفيز) العصبي، وعليه يمكن تعريف القوة على إنها قابلية العضلة لإظهار أكبر قوة، في حين إن القدرة هي الصيغة أو الطبيعة الانفجارية لتقويم القوة.
وهنا يجب أن نميز بين أنواع القدرة فمنها ما هو انفجاري ومنها ما هو غير انفجاري.
النوع الأول للقدرة وتسمى القوة الانفجارية وهو القابلية لإظهار أقصى انقباض فوري أو لحظي وبطبيعة انفجارية ولمرة واحدة. وهنا يرى الباحث إن تسمية القوة الانفجارية هي تسمية خاطئة إلى حد ما، لأن كلمة لحظية أو انفجارية تعني السرعة في الأداء، وهذا يعني الأداء بأقل زمن ممكن وهذه قدرة وليس قوة.
أما النوع الآخر للقدرة فهو القوة المميزة بالسرعة والتي تعني القوة التي تمتاز بالسرعة وهي بهذا المعنى تعني القدرة أيضاً. والسؤال الآن والذي يطرح نفسه هو: ما الفرق بين القدرة الانفجارية والقوة المميزة بالسرعة طالما إن كلاهما قدرة ؟؟.
وللإجابة على هذا السؤال نقول: إن القوة المميزة بالسرعة لا تعني الأداء اللحظي ولمرة واحدة، وإنما الأداء خلال زمن معين ولأكبر عدد من التكرارات، أي السرعة بالأداء. في حين إن القدرة الانفجارية هي وكما ذكرنا القوة اللحظية وبطبيعة انفجارية ولمرة واحدة.
أما عن عدد تكرارات القوة المميزة بالسرعة فهو ينحصر بزمن معين وهذا الزمن يكون بين (10-15) ثانية، وذلك لأنه خلال هذا الزمن يكون ناتج العمل العضلي نتيجةً لنظام الطاقة الفوسفاجيني (ATP-CP) وما زاد عن ذلك فأنه يدخل ضمن نظام حامض اللاكتيك.
في حين إن زمن أداء القدرة الانفجارية يجب أن لا يزيد عن (2-3) ثانية لكي يكون العمل ضمن نظام الطاقة اللاهوائي من تحلل ATP فقط دون استعمال فوسفات الكرياتين CP. وعليه فإن اختبارات القوة المميزة بالسرعة يجب أن تنحصر بين (10-15) ثانية واختبارات القدرة الانفجارية بين (2-3) ثانية أو أقل.
ويرى الكاتب تسمية اختبارات القدرة الانفجارية بـ: اختبارات القدرة اللاهوائية القصيرة جداً Test of Ultra Short-Term Maximal Anaerobic Power ، وتسمية اختبارات القوة المميزة بالسرعة بـ: اختبارات القدرة اللاهوائية القصيرة Test of Short-Term Anaerobic Power.
أما الاختبارات التي تصل إلى (25-30 ثا) فهي اختبارات تقيس السعة اللاهوائية (Anaerobic Capacity) أو المطاولة اللاهوائية (Anaerobic Endurance) " وهي القدرة على الاحتفاظ أو تكرار انقباضات عضلية قصوية اعتماداً على إنتاج الطاقة اللاهوائية بنظام حامض اللاكتيك" والتي ما تعرف حديثاً بـ: مطاولة القوة المميزة بالسرعة.
وبالرجوع إلى الفرق بين القوة والقدرة فأن القدرة تعرف ميكانيكياً على إنها الشغل المنجز في وحدة الزمن وتقاس بوحدة الواط مع العلم ان قيمة 1 واط = 6,12 كغم.م/ثا (جول).
أو "إمكانية بذل مستوى عالي من الشغل (ناتج القوة والمسافة) بمستوى عالي من السرعة" . وبهذا نرى إن مصطلح القدرة مرتبط دائماً بزمن الأداء، وعليه فإن أي عمل لا يأخذ بنظر الاعتبار زمنه هو شغل وليس قدرة، ومفهوم القدرة الهوائية هو ليس قدرة بالمعنى الدقيق والحقيقي وإنما هي قابلية أو سعة.
أما القوة فهي المقدرة على استخدام ومواجهة المقاومات المختلفة وهي تساوي القوة = الكتلة × التعجيل.
وعليه فإن الزيادة في القوة ترتبط بالتغير في عامل الكتلة أو، والتعجيل أي الحصول على أكبر قوة (أقصى قوة).
وبالرجوع إلى الفرق بين القوة والقدرة نجد إن "القدرة هي مقياس كمية العمل الكلية التي تتمكن العضلة من إنجازها في فترة زمنية معينة ولا يتعين ذلك بقوة الفعل العضلي فقط ولكن أيضاً بمسافة التقلص وبعدد مرات التقلص في الدقيقة الواحدة [السرعة]، أي إن العضلة التي تتمكن من رفع كغم واحد إلى ارتفاع متر واحد أو تلك التي تحرك جسماً بصورة جانبية مقابل قوة كغم واحد ولمسافة متر واحد في دقيقة واحدة، يقال لها إنها قدرة تساوي (1كغم.م.د). أما القوة العضلية فتقدر بصورة رئيسة بحجم العضلة" (أي كتلتها وعن طريق مساحة المقطع العرضي).
إن الوصول لأعلى قوة بمعدلات سريعة عالية يعتبر متطلباً أساسياً في العديد من الفعاليات والألعاب الرياضية [وإن امتلاك اللاعب لقوة قصوية لا يعني بالضرورة امتلاكه لقدرة عالية أو العكس]. إذ يوضح الشكل (1) ثلاثة منحنيات تمثل الوصول بالقوة العضلية إلى أقصى قيمة لها خلال زمن محدد 400 ملي ثانية. إذ يوضح المنحنى الأول لاعب يتمتع بقدر كبير من القوة المطلقة (القصوى) ولكنه يفتقر إلى القدرة ومن أمثلته لاعب الأثقال. أما المنحنى الثاني فيوضح لاعب يتمتع بقوة مطلقة أقل نسبياً من الحالة الأولى وهو يصل في هذه الحالة إلى الحد الأقصى للانقباض في زمن أقل نسبياً مثل لاعب الوثب العالي والطويل. أما المنحنى الثالث فيوضح لاعب يؤدي ما لديه من قوة مطلقة (قصوية) بمعدل سريع ولكنه لا يتمتع بقدرة عضلية كبيرة وبالتالي فهذا النوع من اللاعبين لا يصلح لأنواع الرياضات التي تتطلب كل من القوة والقدرة في آن واحد.
الشكل يوضح المنحنيات النظرية (القوة-الزمن) لأفراد مختلفين في مستوى القدرة
عن (طلحة حسام الدين وآخرون 1997م)
عن الاستاذ المساعد الدكتور
اسامة احمد حسين الطائي