الكرة مليئة بالثقوب .. هل سددت ثقباً ؟
كثرت في السنين الأخيرة ملامح النهضة في أمتنا ، وكثرت الأطروحات والمشاريع النهضوية على الساحة ، وكثير من المفكرين والدعاة يحاولون نشر الأفكار الحية التي تزيد من فعالية الإنسان وتحثه على المشاركة في نهضة أمته، وبدأت أنوار الاستجابة في نفوس كثير من الناس، ولكن ما أن يبدأ الشباب بالانطلاقات في مشاريع نهضوية ، إلا ويواجهون بإحباطات شديدة تنبع من بعض المتشائمين أو المهزومين مسبقاً بحجة أن لا أمل في إرجاع ما نحلم بإرجاعه، وأن النهضة لا يمكن أن تنطلق إلا بمعجزات خفية لا يمكن أن تحصل بالوضع الراهن..
هنا نريد أن نقف وقفة وننظر للموضوع من منظور آخر ، نُصورهُ بمثال أسميته الكرة المليئة بالثقوب.
عندما أناقش الأخوة الذين مازالت السلبية تجتاحهم ،أقوم بتوضيح أن أمتنا تعاني من تحديات عديدة وكثيرة ، تحديات كبيرة وصغيرة ، ويمكن تشبيهها وكأنها كرة جميلة ولكنها للأسف مليئة بالثقوب التي تمثل التحديات، ثقوب في الأفكار وثقوب في القيم وثقوب في الإجراءات والنظم والإتقان و التكنولوجيا والكثير من الثقوب التي تجعل هذه الكرة فارغة من الهواء منكمشة لا هواء داخلها ولا تيار يتخللها.
هذا التشبيه يسوقنا لعدة إجراءات عملية للانطلاق بجهود الشباب ألخصها كالتالي:
- تحديد المشكلة هو نصف حلها، فالآن أحسسنا أننا جزء من هذه الكرة المليئة بالثقوب وأن فعلا لدينا تحديات كثيرة ونستطيع أن نقوم بتصنيفها وتعديدها وتقسميها بعدد وحجم وتكرار الثقوب الموجودة في الكرة.
- الإحساس العام بوجود هذه الثقوب سيجعل كل شخص يشعر بأن عليه مسؤولية ما تجاه أمته.
- أهم ما في هذا التشبيه، أن نزرع بنفس كل واحد منا ، فكرة كفالة الثقب ، ومعنى كفالة الثقب هو أن يتكفل كل شاب بسد ثقب واحد على الأقل من ثقوب هذه الكرة، وسد الثقب قد يحتاج شخص واحد وقد يحتاج عدة أشخاص، المهم أن نتكفل ونضع ضمن أهدافنا وخططنا أنه يجب أن نسد ولو ثقباً واحداً من هذه الثقوب، فيصبح كل شخص بيننا ومعنا واضعا ثقباً – أي تحديا – معيناً في المجتمع نَصبَ عينيه وقال أنا سأحمل هذا التحدي ، أو أشارك في حمله على الأقل.
- اختيار الكرة يوحي للمجتمع بعدة إيحاءات، أولها أن الكرة مستديرة الشكل وهي متصلة يبعضها البعض ولكنها لا تستطيع أن تكون ممتلئة ومستديرة إذا ملئت بالثقوب مهما ضخت الكرة بالهواء، ولذلك تحدياتنا مرتبطة وتحتاج لأن تتكاتف طاقات الشباب لعلاجها .
- لهذه الكرة ثقوب عدة بعضها كبيرة جدا وبعضها صغيرة جدا، وتمثل مساحة الثقب عظم التحدي وأهميته، مع العلم أن هناك تحديات كثيرة صغيرة يمكن حلها ببساطة شديدة ولكن للأسف نفتقر للدافع الأساسي وهو الإحساس بوجوب سد الثقوب.
ثقافة المشاركة في سد تحديات الأمة هي من أهم واجبات الإنسان في الأرض، وقد قال الله تعالى: (( إياك نعبد وإياك نستعين))، وفي هذه علامة كبيرة أن الله –عز وجل- خلقنا لمهمتين أساسيتين، أن نعبده حق عبادة روحياً، وأن نعبده ونستعين به بالعمل الصالح وبناء الأرض ، وقد قال الله تعالى ((إني جاعل في الأرض خليفة )) ، خليفة ليصلح الأرض ويحمل تحدياتها التي أبت السموات والأرض والجبال أن تحملها ، فاحملها أيها الإنسان وشارك في نهضة أمتك.